15:28:37

من كلمة وزير خارجية روسيا الاتحادية سيرغي لافروف، وردوده على أسئلة وسائل الإعلام، أثناء المؤتمر الصحفي بصدد نتائج أنشطة الدبلوماسية الروسية في عام 2023، موسكو، 18 يناير/ كانون الثاني 2024

52-18-01-2024

السيدات والسادة المحترمون،

        يسرني أن أرحب بكم في لقائنا التقليدي، الذي ينعقد سنويا مباشرة بعد عطلة عيد الميلاد ورأس السنة الجديدة. أهنئ كل من يحتفل بهذه الأعياد بحلول عام 2024، الذي نريد جميعا أن نجعله أفضل بكل المعاني. وتحدث الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن هذا بالتفصيل.

لقد تم تحديد خططنا بوضوح على مسار التنمية الداخلية. وتعمل حكومة روسيا الاتحادية بنشاط. وقبل بضعة أيام، عقد الرئيس فلاديمير بوتين عدة اجتماعات مع أعضاء الحكومة في مختلف المجالات لضمان الحركة المستدامة لاقتصادنا في الظروف الحالية بسبب السياسة العدوانية غير القانونية للولايات المتحدة والبلدان التابعة لها. المهمة القائمة واضحة: التخلص من أي ضرورة للاعتماد على سلاسل التوريد والمالية والمصرفية واللوجستية، التي يتحكم بها بطريقة أو بأخرى أو يمارس الزملاء الغربيون عليها التأثير بصورة كبير. لقد تحدد هذا النهج بوضوح في القرارات التي تم اتخاذها وسيتم اتخاذها.

وعلى صعيد جبهة السياسة الخارجية، أيضا تم تحديد الاتجاهات الرئيسية للمستقبل المنظور. صادق الرئيس فلاديمير بوتين في مارس 2023، على مفهوم السياسة الخارجية لروسيا الاتحادية في نسخته الجديدة المنقحة بصورة جذرية، بناء على حقائق العالم الحالية. لقد أثبت الغرب بشكل كامل عجزه التام عن الاتفاق وأثبت أنه شريك غير موثوق في جميع المشاريع. إن الأغلبية العالمية لن  تتسامح مع هذا النهج الأناني، وترغب بالتطور بما يتفق تماما مع مصالحها الوطنية، ومصالح كل دولة والاحترام الكامل لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة، بدءا من احترام المساواة في سيادة الدول. فمنذ اعتماد الميثاق في عام 1945، لم  تكن هناك مبادرة واحدة في سياسة الغرب الخارجية على الساحة الدولية تأخذ في نظر الاعتبار وتحترم مبدأ (كما هو مذكور في الميثاق) المساواة في الحقوق لجميع الدول، كبيرها وصغيرها، بغض النظر عن القيم والأديان التي تعتنقها، وبشكل عام، ما هي التقاليد التي لديها.

لقد حددنا بوضوح على جبهة السياسة الخارجية، المبادئ التوجيهية لتطوير العلاقات مع أولئك الذين هم على استعداد للعمل معنا على قدم المساواة، والمنفعة المتبادلة، والاحترام المتبادل عن طريق الحوار والمحادثات الصريحة، التي تهدف إلى إيجاد توازن في المصالح، وليس الحلول التي تلبي حصريا جدول أعمال أناني أحادي الجانب لطرف ما، كما يتجلى ذلك بشكل كبير في المناقشات التي يشارك فيها الغرب، بقيادة الولايات المتحدة.

لقد أظهر العام الماضي ليس هناك قبول لأخلاقيات الهيمنة الغربية التقليدية، القائمة بشكك كامل على مطامعها المغرضة ولا تأخذ بعين الاعتبار آراء جميع الأخرين. نعم، إن الغرب يحكم العالم بأسره على مدى 500 عام، وإن عدم وجود فعلي لأي منافسين جديين طوال هذه الفترة تقريبا، (باستثناء الفترة السوفيتية)، ربما جعله يعتاد على  الهيمنة. لكن الحياة تتقدم ولا تتوقف ابدأ، وتظهر وتتعزز مراكز جديدة للنمو الاقتصادي والقوة المالية والنفوذ السياسي، تتفوق بشكل كبير من حيث التنمية على الولايات المتحدة ذاتها والدول الغربية الأخرى.

 وأنا متأكد من أنكم تعرفون تقييماتنا لتطور العلاقات مع جمهورية الصين الشعبية. إنها الاقتصاد الأسرع نموا إلى جانب اقتصاد الهند. وتمر العلاقات مع الصين بأفضل مرحلة في تاريخها الممتد على مدى قرون عديدة. ونحن نقدر بشكل خاص، أن الرئيس جين شي بينغ قام بعد إعادة انتخابه رئيسا لجمهورية الصين الشعبية، بأول زيارة دولة له إلى موسكو في مارس 2023. وبدوره، زار الرئيس فلاديمير بوتين الصين في أكتوبر 2023 للمشاركة في المنتدى الدولي الثالث "حزام واحد، طريق واحد".

 إن علاقات الشراكة الاستراتيجية المتميزة مع الهند تتقدم بشكل مطرد. وهنا أيضا، أقمنا حوارا منتظما على أعلى مستوى، واتصالات بين الإدارات المتخصصة من خلال وزارتي الخارجية.

 إذا كنا نتحدث عن  محيطنا المباشر، فبالطبع إنها دول الشرق الأوسط وإيران وتركيا والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر. وبطبيعة الحال، نحن مهتمون ليس فقط بتطوير العلاقات الثنائية، بل وأيضاً مع المنظمات الإقليمية التي أنشأها العديد من شركائنا. وأعني مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وجامعة الدول العربية، ورابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان)، والاتحاد الأفريقي، ومجموعة دول أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي، وما إلى ذلك.

 ونحن نعمل على الارتقاء بشراكتنا مع أفريقيا إلى مستوى استراتيجي حقيقي. وهذا ما تم تأكيده في القمة الروسية الإفريقية الثانية التي عُقدت في سان بطرسبرج في يوليو 2023.

وكان المؤتمر البرلماني الدولي بين روسيا وأمريكا اللاتينية الذي عُقد في موسكو في خريف عام 2023 من المعالم المهمة في تطوير علاقاتنا مع أمريكا اللاتينية. ونحن نعتبر أفريقيا وأمريكا اللاتينية ودول آسيا مراكز مستقلة ناشئة في عالم متعدد الأقطاب.

لقد نشطنا في منصة الأمم المتحدة في عام 2023. وقد عملت مجموعة الأصدقاء للدفاع عن ميثاق الأمم المتحدة هناك بنجاح منذ إنشائها قبل عدة سنوات. وقد اعتمدت في إطارها بيانات مشتركة حول القضايا المبدئية للتنمية العالمية. وتعمل هذه المجموعة بفعالية على تحفيز عمل الجمعية العامة، وتطرح المبادرات المشتركة، بما في ذلك المبادرات الروسية. نحن ندعم أفكار شركائنا في هذا الكيان الجديد.

أود أن أشير إلى حدث مهم للغاية، وهو تبني الدورة 78 للجمعية العامة للأمم المتحدة لقرار "مكافحة تمجيد النازية والنازية الجديدة والممارسات الأخرى التي تسهم في تصعيد الأشكال الحديثة للعنصرية والتمييز العنصري وكراهية الأجانب وما يتصل بذلك من تعصب."  وعلى الرغم من خداع الغرب، فقد جرى تبنيه بأغلبية ساحقة من الأصوات. لكني أود التأكيد على أنه للمرة الثانية على التوالي، صوتت ألمانيا وإيطاليا واليابان ضد هذه الوثيقة. دول "المحور"، التي في وقت ما، بعد الهزيمة في الحرب العالمية الثانية، أعلنت عن ندمها علنا على الجرائم التي ارتكبت في تلك الحرب، وأكدت للجميع أن مثل هذا لن يتكرر مرة أخرى. إن تصويت هذه الدول، خلال العامين الماضيين، ضد القرار الذي يطالب بعدم الجواز لإحياء النازية، توحي بأفكار جدية، وتجعلنا نفكر في أي اتجاه تتطور فيه هذه العمليات الأيديولوجية، وليس فقط في هذه الدول، بل وأيضا في الغرب بأسرهً.

لقد عملنا أيضا بصورة بناءة في أشكال أخرى. ومن الضروري الإشارة بشكل خاص إلى حلفائنا. وهذا يتعلق بدولة روسيا الاتحادية وبيلاروسيا، وكذلك منظمة معاهدة الأمن الجماعي، التي عززنا في إطارها مهام ضمان الاستقرار بجميع أبعاده، بما في ذلك العسكرية والبيولوجية البحتة، وعموما، الحماية من التحديات والتهديدات الجديدة، مثل الإرهاب والاتجار بالمخدرات وأشكال الجريمة المنظمة الأخرى. وجرى في الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، تبني قرارات مهمة تهدف إلى تعميق التكامل الأوراسي، وربط هذه العمليات بمشاريع مثل "حزام واحد، طريق واحد" الصيني، والتعاون مع منظمة شنغهاي للتعاون، ورابطة دول جنوب شرق آسيا وجميع الاتحادات والبلدان الأخرى الواقعة في قارتنا أوراسيا الواسعة المشتركة.

أصبحت روسيا هذا العام رئيسا لرابطة الدول المستقلة. ونعتزم مواصلة المشاريع المفيدة التي تم إطلاقها في عام 2023. بما في ذلك، سنولي اهتماما خاصا للمنظمة الدولية للغة الروسية الي تأسست في قمة بيشكيك في خريف عام 2023. وقد وافق جميع أعضاء منظمة الدول المستقلة على هذه المبادرة التي طرحتها كازاخستان. إن المنظمة التي جرى تأسيسها مفتوحة لانضمام أي دولة في العالم لها. ونحن نعرف أن اللغة الروسية تحظى بشعبية كبيرة في جميع القارات، ونأمل أن يكون هناك الكثير من المشاركين المهتمين.

لقد ذكرتُ منظمة شنغهاي للتعاون باعتبارها مشروعا شاملا التي في إطارها، وإلى جانب الاتحاد الاقتصادي الأوراسي، وفي سياق التعاون مع رابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) وغيرها من الهياكل دون الإقليمية، نحن نساهم بصورة موضوعية وطبيعية في تشكيل الشراكة الأوراسية الكبرى، التي تحدث عنها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في القمة الأولى روسيا ـ  آسيان. وقد أضحت الخطوط العريضة لمثل هذه الشراكة، واضحة.

وفي ظل الظروف الراهنة، من المهم أن تكون هناك شراكة اقتصادية تلبي مصالح جميع بلدان قارتنا المشتركة. لقد أرادت مشيئة الله أن نستخدم هذه المزايا التنافسية الموضوعية الكائنة في محيط واحد، زد على ذلك إنها تُعد محرك النمو الاقتصادي العالمي لمدة طويلة. وسوف تحتفظ بهذا الدور لسنوات طويلة. ولكن بالإضافة إلى المشاريع الاقتصادية ذات المنفعة المتبادلة، من المهم على هذا الأساس ضمان الأمن العسكري والسياسي في أوراسيا  بغض النظر عن العوامل الأخرى. وسوف ندعو إلى أن تتعامل بلدان القارة مع هذه المهمة دون محاولات الدول غير الإقليمية للتدخل في هذه العمليات "بقواعدها" الخاصة. نحن مقتنعون بأن دول أوراسيا قادرة تماما على التعامل مع هذه المهام بصورة مستقلة.

لقد أدرجتُ مختلف الهياكل الإقليمية، ولكن هناك أيضا هيكل عالمي فوق إقليمي. إنه يسمى بريكس ويرمز على نحو خاص إلى ثراء عالم متعدد الأقطاب. إن القرار الذي جرى تبنيه في قمة جنوب إفريقيا العام الماضي بزيادة عدد المشاركين في هذه المجموعة، كان خطوة مهمة بصورة خاصة  لتعزيز موقف بريكس. وستُعير روسيا، التي تولت رئاسة بريكس في 1 يناير من هذا العام، اهتماما خاصا لضمان انضمام المشاركين الجدد بسلاسة إلى العمل المشترك وبالتالي يساهمون في تعزيز الاتجاهات الإيجابية ليس فقط داخل المجموعة، ولكن أيضا في الساحة الدولية لصالح الأغلبية العالمية. وبالنظر إلى أن أكثر من 20 دولة (حتى أقرب إلى 30 دولة) مهتمة بالتقارب مع بريكس، فإننا نرى مستقبلا واعدا لهذه المجموعة بتشكيلة عالمية من المشاركين فيها.

لقد واصلنا إيلاء الأولوية لحماية المصالح والحقوق المشروعة للمواطنين الروس في الخارج. أنتم تعرفون جيدا كيف يتم التمييز ضدهم في بلدان "الغرب الجماعي".  والكثير منكم يكتب عن هذا، على عكس زملائكم الغربيين، الذين يحاولون بشكل متزايد إخفاء الحقيقة عن مشاعر الصحفيين  وظروف عملهم  في "الديمقراطيات الراسخة" (العفو عن التعبير). ولكن بصرف النظر عن المشاكل اليومية التي يواجها مواطنونا في الولايات المتحدة وأوروبا ودول أخرى، فإن حالات الطوارئ الطبيعية، والتي هي من صنع الإنسان، لم تختفِ في أي مكان.

في الآونة الأخيرة، ساعدنا بفعالية على إجلاء مواطني روسيا ومواطني بلدان رابطة الدول المستقلة وبعض الدول الأخرى من قطاع غزة. وقبل ذلك ببضعة أشهر، من السودان، حيث اندلع نزاع داخلي أيضا.

فيما يتعلق بالدبلوماسية العامة، أود أن أبرز نقطة تحول في تطورها المتمثلة بإنشاء حركة "روسوفيل الدولية" في مارس 2023، وهي جمعية غير رسمية للأشخاص الذين يعيشون في مختلف القارات ويشعرون بالتقارب الروحي والثقافي مع روسيا. انعقد الاجتماع التأسيسي لهذه الحركة. ومن المقرر عقد أول مؤتمر كامل لها في النصف الأول من هذا العام.

وسنواصل تعزيز المثل العليا الأصيلة والعدالة في الشؤون الدولية. وسنعمل كل ما في وسعنا لجعل العلاقات الدولية أكثر ديمقراطية. وبهذا المعنى، تدعم وزارتنا بقوة مبادرة حزب روسيا الموحدة لعقد منتدى دولي في موسكو مشترك للأحزاب التي تناصر مكافحة الممارسات الحديثة للاستعمار الجديد. هذا موضوع حيوي، بالنظر الى أن الطبيعة  الاستعمارية الجديدة، موجودة بصورة كبيرة في السياسات الحالية التي تتبعها الولايات المتحدة وحلفائها. ويبقى معناها كما هو نفسه: ألا وهو استخدام موارد البلدان الأخرى لمنافعهم ومصالحهم الخاصة، والعيش على حساب الآخرين. يعد المنتدى القادم بأن يكون حدثا جذابا ومهما للغاية.

تستعد روسيا لعدد من الفعاليات الدولية الكبرى على جدول الأعمال الثقافي. من بينها مهرجان الشباب العالمي. لم يتبق لانطلاقه سوى القليل من الوقت. وألعاب المستقبل هي مزيج من الرياضات البدنية والرياضات الإلكترونية والألعاب الرياضية لدول بريكس. وستقام كلتا المباراتين في قازان (ألعاب المستقبل في فبراير من هذا العام، وبريكس في صيف عام 2024).

يجري إعداد مسابقة الأغنية الدولية " انتر فيجين ". وأبدت العديد من دول الأغلبية العالمية اهتماما بالمشاركة فيها. سنعمل كل ما في وسعنا حتى يشعر جميع ضيوفنا الذين يأتون إلى هذه الفعاليات وغيرها من الأحداث والعديدة من الفعاليات الأخرى بالود والضيافة الروسية تماما، كما كان الحال في عام 2018، عندما استضفنا نهائيات كأس العالم.

وفي الختام، أود أن أؤكد انفتاحنا على التواصل مع ممثلي وسائل الإعلام بأشكال متنوعة. آمل أن لا يؤاخذ ممثلو الوزارة الحاضرون هنا على أننا نتجنب التواصل مع الصحفيين. لكن أعضاء رئاسة وزارة الخارجية الآخرين ورؤساء الإدارات وموظفينا (خاصة عندما يسافرون كجزء من وفد إلى الفعاليات الدولية) ملزمون ببساطة بالتحدث عن عملنا وجعل أنشطتنا مفهومة وشفافة. وهذا بالضبط  هو ما نسعى لتحقيقه.

سؤال: اسمحوا لي أولا أن أهنئكم بالعام الجديد وأتمنى لكم وللشعب الروسي الانتصارات على جميع الجبهات.

 

تقوم الولايات المتحدة بتشكيل "تحالفات سياسية وعسكرية دولية" وترتكب العدوان على اليمن، وتواصل دعم وتشجيع إسرائيل على الإبادة الجماعية للشعب الفلسطيني والأعمال العسكرية ضد شعبي سوريا ولبنان. كيف تُقَيَّم موسكو هذه الأعمال؟

  لافروف: لقد أدلينا مرارا ببيانات علنية تضمنت تقييمنا لما يحدث في الشرق الأوسط. وليس فقط في قطاع غزة، بل وأيضا في الأراضي الفلسطينية ككل وما يتعلق بلبنان والعراق، بما في ذلك اليمن.

بالطبع، انتهكت الولايات المتحدة، مع البريطانيين وبعض حلفائها الآخرين، وداست على جميع معايير القانون الدولي التي يمكن تصورها، بما في ذلك قرار مجلس الأمن الدولي. إن القرار دعا فقط إلى حماية الشحن التجاري. لم يفوض أحد أيما كان بقصف اليمن. في الواقع، تماما كما لم يفوض أحد حلف شمال الأطلسي بقصف ليبيا في عام 2011. حينها كان قرار يعلن إنشاء منطقة حظر جوي فوق الأراضي الليبية. والمقصود أن طائرات القوات الجوية الليبية لن تحلق. ولم تحلق. لم يكن هناك أي أساس لاستخدام القوة هناك. لكنهم قصفوا البلاد وتحولت إلى "ثقب أسود". ولحد الآن، لم يتيسر لأحد تجميع  أجزاء الدولة الليبية. وتدفق عدد كبير من اللاجئين إلى أوروبا التي تعاني منهم. والأميركيون والبريطانيون لا يعانون. وتدفق الإرهابيون، الذين استخدمهم الغرب للإطاحة بالقذافي، إلى وسط إفريقيا.

ويلاحظ ذات الخرق الفاضح للقوانين فيما يجري في اليمن. وهذا واضح للجميع. وأود أن أقول إن تصريحات التبرير التي تعلنها واشنطن، تبدو مثيرة للشفقة للغاية.

 قال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن قبل أيام في دافوس، إن جميع دول الشرق الأوسط تريد حضور الولايات المتحدة في المنطقة وتريد أن تلعب الولايات المتحدة دورا رائدا هناك. من الصعب عليّ أن أحكم ما إذا كانت دول المنطقة تريد ذلك. ينبغي أن نسألهم. لكن احدى هذه الدول: وهي العراق، اتخذت قرارا منذ عدة سنوات ينص على أن الولايات المتحدة كانت موجودة في البلاد، وأن قواعدها العسكرية رابطت  في البلاد لمدة طويلة، وأن هذا يجب أن ينتهي، وعلى قوات الولايات المتحدة العودة إلى وطنها. لكن الأميركيين لم يغادروا العراق.

صدرت في الآونة الأخيرة، بيانات في بغداد مرة أخرى حول عدم رغبة الأمريكيين في الخروج من هناك ببساطة، رغم دعوتهم منذ فترة طويلة للمغادرة. من المحزن على وجه الخصوص أن وزير الخارجية أنتوني بلينكن ذكر أيضا أن الولايات المتحدة وحدها القادرة على لعب دور الوساطة والتوصل إلى تسوية بين الفلسطينيين والإسرائيليين. قال هذا. ونحن نسمع ونعرف عن مثل هذه الاتصالات "شبه المغلقة" بمشاركة الولايات المتحدة وإسرائيل وبعض الدول العربية. بيد أن كل هذه الاتصالات لا تنطو على إقامة حوار مباشر بين الفلسطينيين والإسرائيليين. إنهم يفترضون أن" الكبار "سيتفقون في مكان  ليقرروا كيف ينبغي على الفلسطينيين أن يعيشوا، وبعد ذلك سيقدمون قرارهم إليهم. وهذا لا يمكن أن ينجح.  إن الحوار المباشر الذي من الضروري استئنافه حقق التقدم، واستمر رغم الصعوبات بدعم من " رباعي" الوسطاء الدوليين. وقد دعونا بصورة دائمة إلى إشراك ممثلي جامعة الدول العربية في أنشطة المجموعة الرباعية (الولايات المتحدة وروسيا والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي). ومن المؤسف للغاية، أن الأمريكيين والأوروبيين عرقلوا هذه الفكرة. ثم قامت الولايات المتحدة كما تعتقد بحل "الرباعية"، واحتكرت عملية الوساطة برمتها.

بالمناسبة، كان مستشار الأمن القومي لرئيس الولايات المتحدة، جاك سوليفان قد صرح في سبتمبر 2023، أن منطقة الشرق الأوسط  لم تشهد مثل هذا التطور الهادئ للوضع كما هو في العامين الماضيين.  وبعد شهر، اندلع النزاع في قطاع غزة. وهنا يجب الاعتماد على العمل الجماعي، الذي أصبحت الولايات المتحدة غير معتادة عليه. فإنها معتادة على الإملاء.

سيعقد مجلس الأمن الدولي يوم الثلاثاء المقبل اجتماعا خاصا مكرسا لهذه القضية. نحن نخطط للمشاركة فيه. وسأتوجه إلى نيويورك لهذا الغرض. وسنطرح هناك مقترحاتنا التي تهدف على وجه التحديد إلى استئناف الجهود الجماعية، وليس محاولة "حل" كل بصورة فردية. وليس في الشرق الأوسط فقط.  فالولايات المتحدة تروم  تعزيز أجندتها في جميع أنحاء العالم. سنرى ما سيأتي منه.

ربما لا بد للحياة أن تلقن الزملاء الغربيين درسا. وعلى بلدان المنطقة أن تصر على أن عليها العيش هنا، وإن أمن جميع الدول الواقعة هناك ينطوي على أهمية حاسمة بالنسبة لها، وبلا ريب، ليس ثمة من يروم حظر النصائح الآتية من خارج المنطقة، ولكن يجب أن تتخذ دول المنطقة بنفسها  القرارات النهائية.

يجب أن يكون الاتجاه الرئيس للجهود هو إقامة دولة فلسطينية بما يتفق تماما مع قرارات مجلس الأمن الدولي. دولة (كما هو منصوص عليها في هذه القرارات) قابلة للحياة وأن تعيش في أمن وحسن جوار جنبا إلى جنب مع إسرائيل ومع دول المنطقة الأخرى. وبدون ذلك، وبغض النظر عما سيحدث، سنرى تكرار العنف الذي نلاحظه حاليا في غزة. وبدون إقامة دولة فلسطينية، سيظل شعبها يشعر بالحرمان والظلم. سيشعر جيل تلو جيل من الشباب الفلسطيني بانعدام العدالة وسينقل هذا الشعور إلى أطفالهم. ينبغي وضع حد لهذا الظلم عن طريق إقامة الدولة الفلسطينية. وآمل أن تتوصل القيادة الإسرائيلية في نهاية المطاف إلى هذا الاستنتاج.  وحتى الآن، لا يعتبر الجميع هناك هذا مقبولا لإسرائيل. وكما يقولون، ليس ثمة ما يمكن القيام به في هذه الحالة، سوى القيام بعمل لمساعدتهم على رؤية الحقيقة. وهي أنه بدون إقامة دولة فلسطينية، لا يمكن ضمان أمن موثوق به لإسرائيل.

روسيا مهتمة بضمان أن تعيش إسرائيل وشعبها في أمان. إن إسرائيل شريكنا منذ فترة طويلة. وكانت بلادنا أول من اعترف باستقلال إسرائيل. وهناك الآن حوالي مليوني مواطن الذين هم في وقت واحد مواطني روسيا، وقد وفدوا من بلادنا. بالطبع، نحن نهتم بذلك. وإننا على استعداد للقيام بدور فعال في تحقيق تسوية شاملة تضمن أمن إسرائيل في سياق التنفيذ الكامل لقرار منظمة الأمم المتحدة بشأن القضية الفلسطينية.

 

 

Zusätzliche Materialien

  • Foto

Fotoalbum

1 von 1 Fotos im Album

Allgemeine Informationen

  • Adresse: 760 United Nations Plaza, New York, NY 10017, USA
  • Web: http://www.un.org/ru/
  • Chef der Organisation:
    António Guterres Generalsekretär

Bildergalerien

  • Отделение ООН в Найроби
  • Зал Генеральной Ассамблеи ООН
  • Штаб-квартира ООН в Нью-Йорке
  • Европейское Отделение ООН в Женеве
  • Европейское Отделение ООН в Вене
  • Зал Совета Безопасности ООН