14:20:59

بيان وزارة الخارجية الروسية بصدد اتفاقيات إسطنبول

1439-17-07-2023

جرى في إسطنبول قبل عام تقريبا، في 22 يوليو 2022، التوقيع على اتفاقيتين مترابطتين- "مبادرة البحر الأسود" بشأن تصدير المنتوجات الزراعية الأوكرانية والأمونيا الروسية، ومذكرة روسيا- الأمم المتحدة بشأن تطبيع الصادرات الروسية من المنتجات الزراعية والأسمدة. ومن المعروف إن هذه "الحزمة" كانت قد وقعت، بناء على اقتراح الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش وبمشاركته، لأهداف إنسانية معلنة لضمان الأمن الغذائي العالمي، وخفض خطر المجاعة ومساعدة البلدان المحتاجة في آسيا وأفريقيا وأمريكا اللاتينية.

وبعد مرور عام تبدو نتائج العمل، بشأن تجسيد هذه الاتفاقات المشار لها، مخيبة للآمال.

أصبحت اتفاقية "مبادرة البحر الأسود" سارية المفعول بعد أسبوع فقط من التوقيع عليها. وتم تحديد ممر إنساني بحري في أسرع وقت ممكن، وشكل في إسطنبول مركز تنسيق مشترك (JCC) لتسجيل السفن المشاركة وتفتيشها، وفي أول أغسطس 2022، غادرت أوديسا أول سفينة شحن جاف "رازوني". وقد أكد هذا بوضوح مقاربة ممثلي روسيا النزيهة والمسؤولة في أداء واجباتهم كطرف في الاتفاقية.

ولكن وعلى عكس الأهداف الإنسانية المعلنة، تحول تصدير المنتوجات الزراعية الأوكرانية على الفور تقريبا، إلى أساس تجاري بحت، وحتى اللحظة الأخيرة، هدف إلى خدمة المصالح الأنانية الضيقة لكييف والأوصياء الغربيين. وكما يقولون فإن الحقائق والأرقام، تتحدث عن نفسها. وتم إبان عملية مبادرة البحر الأسود، تصدير ما مجموعة 32.8 مليون طن من الحمولة، أرسل أكثر من 70 ٪ منها (26.3 مليون طن) إلى البلدان ذات المدخول العالي وأعلى من المتوسط، ومن ضمنها الاتحاد الأوروبي. وبلغ نصيب أفقر البلدان، ولا سيما إثيوبيا واليمن وأفغانستان والسودان والصومال، أقل من 3٪، أي ما مجموعة 922,092 طنا.

وسوف تتضح مثل هذه الجغرافيا، وإضفاء الطابع التجاري على المبادرة التي في بدايتها إنسانية إذا أخذنا بعين الاعتبار أن مالكي جزء كبير من الأراضي الصالحة للزراعة في أوكرانيا (أكثر من 17 مليون هكتار) هي الشركات الغربية: Cargill، DuPont и Monsanto. إنها بالذات التي اشترت الأراضي الأوكرانية بعد أن رفعت كييف حظرا لمدة 20 عاما على بيعها بناء على طلب صندوق النقد الدولي وغدت المستفيدة الرئيسية من صادرات الحبوب الأوكرانية. ومن ناحية أخرى، فإن الأوروبيين، الذين يشترون المواد الغذائية الأوكرانية بأسعار الإغراق التجاري، ويقومون بمعالجتها في مصانعهم الخاصة لإعادة بيعها كسلع جاهزة ذات قيمة مضافة عالية. وفي الواقع، يكسب الغربيون مرتين: مرة من بيع الحبوب وأخرى من معالجته. بالإضافة إلى جانب ذلك، تضارب الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على الأسعار، لخلق نقص مصطنع في السلع، وإزاحة المنتجات الزراعية الروسية من الأسواق العالمية عن طريق فرض عقوبات أحادية الجانب غير قانونية.

وتجدر الإشارة كذلك إلى أنه خلال عام تنفيذ "مبادرة البحر الأسود"، لم يشمئز نظام كييف، من القيام باستفزازات وهجمات ضد المنشآت المدنية والعسكرية الروسية تحت غطاء الممر الإنساني البحري والملاحي. وفي حقيقة المر، جرى استخدام الموانئ التي تسيطر عليها كييف والممر الآمن الذي فتحته روسيا لتصدير الحبوب الأوكرانية لتنفيذ هجمات إرهابية في انتهاك لروح ونص "مبادرة البحر الأسود".

وما يتعلق بمذكرة روسيا- الأمم المتحدة، فإنها على أي حال لم تدخل حيز التنفيذ. وفي ظل الحديث المنافق عن احتياجات دول جنوب العالم وعن أن العقوبات المفروضة لا تنطبق على المواد الغذائية والأسمدة، واصلت واشنطن وبروكسل ولندن "ختم" قيودها. لقد أصدر الاتحاد الأوروبي وحده منذ يوليو 2022 خمس حزم جديدة من العقوبات. ولم يتخلف الأمريكيون والبريطانيون عن الركب في القيود التي تتجاوز الحدود الإقليمية. ونتيجة لذلك، حوصرت تماما مدفوعات البنوك الروسية، ولوجستيات التأمين والنقل، وإمدادات قطع الغيار والأصول الأجنبية.

مثال توضيحي هو تصدير الأسمدة المعدنية الروسية على أساس مجاني إلى أفقر البلدان تحت رعاية الأمم المتحدة. ومنذ الإعلان عن هذه المبادرة في سبتمبر 2022، أرسلت شحنتين فقط: 20000 طن إلى ملاوي و 34000 طن إلى كينيا من بين 262000 طن من المنتوجات التي حوصرت في لاتفيا، وإستونيا، وبلجيكا، وهولندا. وهذا رغم أننا نتحدث عن عمل إنساني بحت، لا ينبغي من حيث المبدأ أن تطبق عليه العقوبات. وفي الوقت نفسه، دفعت الشركة الروسية المالكة للمنتج أيضا جميع تكاليف التصدير والنقل. وبشكل منفصل، تم دفع أموال إضافية للأمم المتحدة ولاتفيا، وبعد ذلك لم يتردد وزير خارجية لاتفيا من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة للإعلان عن استعداد بلاده "للتبرع" بأسمدتنا للمحتاجين، ولم يجد موظفو الأمم المتحدة في البداية مكانا لذكر روسيا في بياناتهم الصحفية، ثم لم يحضروا على الإطلاق لمراسم التسليم.

نحن مضطرون إن نقرر بأنه لم يجر تنفيذ أي واحدة من المهام المنهجية الخمس التي تقضي بها مذكرة روسيا - الأمم المتحدة. ولم تتم إعادة ربط "روس سيلخوز بنك" بنظامSWIFT. أن اقتراح الأمين العام للأمم المتحدة ا أنطونيو غوتيريش المستعجل الذي طُرح في اللحظة الأخيرة بصدد إمكانات ما لوصول "شركة فرعية" إلى SWIFT أو مؤسسة تابعة لبنكنا، غير قابل للتحقيق عمليا، وغير قابل للحياة – ووفقا لمعطياتنا، فان الاتحاد الأوروبي يعترف بهذا. وفي الواقع، حاولوا مرة أخرى أن يبيعوا لنا وعدا فارغا بتمديد "مبادرة البحر الأسود".

وفرض الحظر على استيراد قطع الغيار والمعدات اللازمة لإنتاج المنتجات الزراعية والأسمدة إلى روسيا باعتبارها سلعا "ذات استخدام مزدوج". لقد تم إعلان كامل أراضي بلدنا منطقة اخطارعسكرية مع أسعار تأمين باهظة للغاية تصل إلى مستويات الحظر، وأغلقت الموانئ الأجنبية أمام سفننا وشحناتنا. و"جمدت" الحسابات الأجنبية للشركات الزراعية الروسية، رغم أن العقوبات الغربية لا تنطبق على المنتجات الزراعية والأسمدة. إن الأموال غير المحجوزة جزئيا "ذهبت" إلى جيوب الغربيين أنفسهم، لسداد القروض ودفع عمليات التسليم

أخيرا، فإن قصة إنعاش خط أنابيب الأمونيا «تولياتي- أوديسا»، المنصوص عليه في اتفاقيتي إسطنبول، توضح بشكل أفضل نهج نظام كييف والأمم المتحدة تجاه التزاماتهما. حاولوا في البداية، الحصول على فوائد إضافية لتوسيع مبادرة البحر الأسود (إدراج مواني جديدة، وتنويع نطاق البضائع وزيادة عمليات التفتيش) وتمديدها كجزء من اقتراح أنطونيو غوتيريش الخاص المؤرخ 24 أبريل. وبعد ذلك، فشل نظام كييف في تحقيق هذه الأهداف، وفجر خط أنابيب الأمونيا في 5 يونيو على وفق مبدأ «لا يوجد أنبوب، لا توجد مشكلة» وجرى ذلك في ظل الصمت البليغ للأمانة العامة للأمم المتحدة.

إن "مبادرة البحر الأسود" التي لم تحقق هدفها الإنساني، تفقد معناها في ظل هذه الظروف من التخريب السافر لتجسيد اتفاقيات إسطنبول.

ووفقا للفقرة Н من الاتفاقية، يعترض الجانب الروسي على تمديدها اللاحق، وقد تم إبلاغ الجانبين التركي والأوكراني به رسميا اليوم، كما جرى إخطار الأمانة العامة للأمم المتحدة. وهذا يعني سحب الضمانات الأمنية للملاحة وإغلاق الممر الإنساني البحري، وإعادة بصورة مؤقتة نظام منطقة خطرة في شمال غربي البحر الأسود، وحل مركز التنسيق المشترك في إسطنبول. دون مشاركة روسيا، ستتوقف "مبادرة البحر الأسود" عن العمل اعتبارا من 18 يوليو.

نعتقد أن الوقت قد حان لكي يظهر حلفاء كييف الأوروبيين تضامنهم المعلن، فيمكنهم تصدير المنتوجات الزراعية الأوكرانية عبر الممرات البرية. وصحيح، في الوقت نفسه، أن الحبوب الرخيصة ومنخفضة الجودة، الواردة من دون أي رقابة، تنطوي على خطر إغراق الأسواق الأوروبية تماما، مما يتسبب (وسبب بالفعل) احتجاجات المزارعين المحليين. وإذا كان هذا يثير بالفعل قلق بروكسل، فليشتريه أعضاء الاتحاد الأوروبي، وبدلا من الحديث عن مكافحة الجوع، البدء في إرساله إلى البلدان المحتاجة.

وإذا كانت العواصم الغربية تقدر حقا "مبادرة البحر الأسود"، فعليها التفكير بجد في الوفاء بالتزاماتها وإخراج الأسمدة والمواد الغذائية الروسية من طائلة العقوبات. إن روسيا ستكون مستعدة للنظر في إحياء "الصفقة" فقط عند ما تتلقى نتائج ملموسة، وليس وعودا وتأكيدات.


Некорректно указаны даты
Дополнительные инструменты поиска